اتفاق غزة يتعثر والوساطة القطرية تواجه تحديات جديدة
يواجه اتفاق غزة تعثراً واضحاً في الانتقال إلى مرحلته الثانية، رغم مرور فترة معتبرة على بدء تنفيذ المرحلة الأولى، في تطور يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الوساطة القطرية والجهود الدولية لتحقيق السلام في المنطقة.
تعقيدات الموقف الإسرائيلي
يشير الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد إلى أن إسرائيل تجد نفسها محاصرة بين خيارين صعبين، هما العودة إلى حرب شاملة لا يسمح بها الموقف الأميركي، أو الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار مع ما يحمله من تكاليف سياسية داخلية.
وبحسب تحليل شديد في برنامج "مسار الأحداث"، تلجأ حكومة بنيامين نتنياهو إلى إدارة هذه "المنطقة الرمادية" من خلال عمليات محدودة وخروقات محسوبة، تمكنها من ادعاء استمرار الحرب.
ويرى الخبير أن هذه الحكومة غير قادرة على الاعتراف بعدم تحقيق أهداف الحرب مع دخول إسرائيل عاماً انتخابياً، وتخشى في الوقت ذاته أن يؤدي الانتقال إلى المرحلة الثانية إلى تفكك الائتلاف الحاكم، مما يجعل إبقاء الوضع القائم في غزة خياراً أقل كلفة سياسياً.
نزع السلاح بين الشرط والذريعة
يحلل شديد تمسك إسرائيل بملف نزع سلاح المقاومة، مؤكداً أنه لا ينطلق من اعتبارات أمنية بحتة، بل من هدف سياسي أوسع يتمثل في تفريغ قطاع غزة من السلاح الخفيف لخلق حالة من الفوضى الداخلية.
وحسب تقديره، تسعى إسرائيل إلى تجريد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أدوات السيطرة مقابل تسليح مجموعات مليشيات، بما يؤدي إلى تفكك البنية الداخلية للمجتمع في غزة ودفعه نحو الانهيار لخدمة مشروع التهجير.
التحديات أمام الوساطة الدولية
على المستوى الدبلوماسي، توقع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في اجتماع مع وفد من حركة حماس أن المرور إلى تنفيذ المرحلة الثانية قد يتم في الأسابيع الأولى من عام 2026.
من جانبها، نقلت القناة الـ13 الإسرائيلية عن مصادر قولها إن المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف أبلغ المسؤولين الإسرائيليين ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية بداية الشهر المقبل.
ومن منظور واشنطن، يربط المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس واريك الانتقال إلى المرحلة الثانية بملف نزع سلاح حركة حماس، معتبراً نزع السلاح المدخل الأساسي لاستكمال بقية الخطوات.
رؤية فلسطينية مغايرة
في المقابل، يرفض الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا هذا الربط، معتبراً أن جوهر الأزمة يكمن في عدم التزام إسرائيل ببنود الاتفاق، لا سيما في مرحلته الأولى.
وأشار القرا إلى تسجيل نحو 900 خرق إسرائيلي خلال شهرين، شملت عمليات قتل واغتيال وقصف، أدت إلى استشهاد أكثر من 300 فلسطيني، إضافة إلى تعطيل إدخال المساعدات وإبقاء معبر رفح مغلقاً.
وأكد أن نزع السلاح ليس بنداً منفصلاً أو شرطاً مسبقاً، بل جزءاً من حزمة قضايا مطروحة للمرحلة الثانية، تشمل إدارة قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال مستلزمات الإيواء وسفر الجرحى والمرضى.
وأعرب عن قناعته بأن إسرائيل تستخدم هذا الملف، إلى جانب قضايا أخرى مثل ملف الأسرى، كذريعة لإطالة أمد المرحلة الأولى والتهرب من استحقاقات المرحلة الثانية، في ظل غياب ضغط أميركي واضح على إسرائيل.