المستطيل الأخضر ضمن أهداف الاحتلال بالضفة الغربية
في مشهد يعكس عمق المأساة الفلسطينية، لم تعد آلة الاحتلال الإسرائيلي تكتفي بخنق المدن الفلسطينية وتشديد الحصار عليها، بل تجاوزت ذلك لتستهدف حتى أبسط مقومات الحياة الطبيعية للأطفال والشباب الفلسطينيين.
في بيت لحم، المدينة التي تحتضن ذكريات الميلاد المجيد، يواجه ملعب مركز شباب عايدة الرياضي تهديداً وجودياً بالهدم، بعد تعليق إخطار هدم على مدخله في الثالث من نوفمبر الماضي.
ملعب وُلد من رحم المعاناة
يقع هذا الملعب في مخيم عايدة للاجئين، محاذياً لجدار الفصل العنصري على أرض مستأجرة، في منطقة تخضع نظرياً لسيطرة السلطة الفلسطينية. وكما هو حال المخيم نفسه، وُلد الملعب من رحم المعاناة ليصبح متنفساً وحيداً لأطفال وشباب يعيشون في ظروف قاسية.
تأسس مخيم عايدة عام 1950 على مساحة تقل عن كيلومتر مربع واحد، ويقطنه اليوم أكثر من 7 آلاف نسمة من اللاجئين الذين هُجروا إبان النكبة الفلسطينية عام 1948 من 17 قرية تابعة للجزء الغربي من منطقتي القدس والخليل.
جهود قانونية لمنع الهدم
يبذل القائمون على مركز شباب عايدة، بالتعاون مع اللجنة الشعبية بالمخيم والمركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان "سانت إيف"، جهوداً مكثفة في المحاكم الإسرائيلية لمنع الهدم الذي يستند إلى ذرائع أمنية واهية.
يوضح محمد أبو سرور، مدير مركز شباب عايدة الاجتماعي، أن الملعب أُنشئ قبل نحو خمسة أعوام وفق عقد شراكة بين اللجنة الشعبية وبلدية بيت لحم ودير الأرمن، على مساحة إجمالية تصل إلى نحو ألفي متر مربع.
رياضة بطابع سياسي
يؤكد أبو سرور أن الرياضة في المخيم ليست مجرد نشاط رياضي، بل "نشاط سياسي" يهدف إلى تعزيز هوية اللاجئين الفلسطينيين وحلمهم بالعودة، مشيراً إلى تشكيل فريق "عُد" الرياضي الذي يمثل هذا الحلم.
يستفيد من الملعب حالياً 250 شاباً وشابة ضمن أكاديمية "عُد" الرياضية ومركز شباب عايدة، إضافة إلى نحو 500 آخرين من أكاديميات خارج المخيم.
تدمير منهجي للرياضة الفلسطينية
يأتي هذا الإخطار في سياق تدمير منهجي للرياضة الفلسطينية، حيث تشير معطيات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى تدمير 269 منشأة رياضية كلياً أو جزئياً في قطاع غزة، و20 منشأة في الضفة الغربية خلال الفترة بين أكتوبر 2023 وأكتوبر 2025.
كما استشهد أكثر من 949 رياضياً منذ بدء العدوان على قطاع غزة، بينهم أكثر من 467 لاعب كرة قدم، في مؤشر صادم على حجم الاستهداف المنهجي للحياة الطبيعية والأنشطة الرياضية الفلسطينية.
إن استهداف الملاعب والمرافق الرياضية يعكس سياسة ممنهجة لقتل الأمل في نفوس الأجيال الفلسطينية الصاعدة، وهو ما يتطلب تحركاً دولياً عاجلاً لحماية حقوق الأطفال والشباب الفلسطينيين في ممارسة أبسط حقوقهم الإنسانية.