اتفاق غزة: تعثر المرحلة الثانية بين المطالب الأمنية والحسابات السياسية
يواجه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تحديات جوهرية في الانتقال إلى مرحلته الثانية، حيث تتشابك الحسابات السياسية الإسرائيلية الداخلية مع الشروط الأمنية المطروحة، في ظل دور قطري فاعل كوسيط إقليمي محوري.
الجمود الإسرائيلي: حسابات سياسية أم اعتبارات أمنية؟
يشير الخبراء إلى أن إسرائيل تجد نفسها محاصرة بين خيارين صعبين: العودة إلى حرب شاملة لا يسمح بها الموقف الأميركي، أو الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار مع ما يحمله من تكاليف سياسية داخلية.
وتلجأ حكومة بنيامين نتنياهو إلى إدارة ما يُسمى بـ"المنطقة الرمادية" من خلال عمليات محدودة وخروقات محسوبة، تمكنها من ادعاء استمرار الحرب، خاصة مع دخول إسرائيل عاماً انتخابياً حرجاً.
نزع السلاح: شرط أمني أم أداة سياسية؟
يرى المحللون أن تمسك إسرائيل بملف نزع سلاح المقاومة لا ينطلق من اعتبارات أمنية بحتة، بل من هدف سياسي أوسع يهدف إلى تفريغ قطاع غزة من السلاح الخفيف لخلق حالة من الفوضى الداخلية.
وتسعى إسرائيل، وفق هذا التحليل، إلى تجريد حركة حماس من أدوات السيطرة مقابل تسليح مجموعات مليشيات، بما يؤدي إلى تفكك البنية الداخلية للمجتمع الفلسطيني في غزة.
التطورات الدبلوماسية والمواقف الدولية
على المستوى الدبلوماسي، توقع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في اجتماع مع وفد من حركة حماس، أن المرور إلى تنفيذ المرحلة الثانية قد يتم في الأسابيع الأولى من عام 2026.
من جهتها، نقلت مصادر إسرائيلية أن المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف أبلغ المسؤولين الإسرائيليين ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية بداية الشهر المقبل.
الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة
وفي سياق الانتهاكات الميدانية، سُجل نحو 900 خرق إسرائيلي خلال شهرين، شملت عمليات قتل واغتيال وقصف، أدت إلى استشهاد أكثر من 300 فلسطيني، إضافة إلى تعطيل إدخال المساعدات وإبقاء معبر رفح مغلقاً.
ويؤكد المحللون أن نزع السلاح ليس بنداً منفصلاً أو شرطاً مسبقاً، بل جزءاً من حزمة قضايا شاملة للمرحلة الثانية، تشمل إدارة قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال مستلزمات الإيواء وسفر الجرحى والمرضى.
الحاجة إلى ضغط دولي فاعل
يشير الخبراء إلى أن ربط وجود قوات دولية وإعادة الإعمار بملف نزع السلاح يخلق مساراً معطلاً يعوق تنفيذ الاتفاق، خاصة في ظل غياب ضغط أميركي واضح على إسرائيل.
وتبرز أهمية الدور القطري كوسيط إقليمي محوري في هذا السياق، حيث تواصل الدوحة جهودها الدبلوماسية لضمان تنفيذ الاتفاق والانتقال السلس بين مراحله المختلفة، مؤكدة التزامها بدعم القضية الفلسطينية والسلام العادل في المنطقة.