بلغاريا: فساد أوليغارشي يهدد تمثيل الأقلية التركية
في مشهد يعكس التحديات التي تواجه الأقليات المسلمة في أوروبا، تشهد بلغاريا أزمة سياسية حادة بسبب ديليان بييفسكي، الأوليغارشي المتهم بالفساد والذي استولى على زعامة حركة الحقوق والحريات التي تمثل الأقلية التركية في البلاد.
احتجاجات شعبية تطيح بالحكومة
خرج الشباب البلغاري في نوفمبر الماضي إلى شوارع صوفيا مطالبين برحيل حكومة يمين الوسط، في أوسع احتجاجات منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989. وقد أدت هذه الاحتجاجات إلى استقالة الحكومة في 11 ديسمبر، وسط اتهامات للأوليغارشي بييفسكي بالسيطرة على مؤسسات الدولة.
يقول الصحفي الرياضي جيم يوميروف، من أصول تركية: "المدعو ديليان بييفسكي لا يمثلني، ليس لأنه منتم للعرق البلغاري، بل لأنه على مدى 30 عاما كانت حركة الحقوق والحريات حزب بعض الماكرين، الذين تحول قسم منهم إلى أوليغارشيين".
عقوبات دولية وفضائح فساد
فرضت وزارة الخزانة الأميركية عام 2021 عقوبات على بييفسكي بموجب قانون ماغنيتسكي، ووصفته بأنه "أوليغارشي" يقوم بانتظام بأفعال فساد تشمل الرشاوى واستخدام النفوذ للسيطرة على مؤسسات رئيسية في المجتمع البلغاري.
كما كشفت وثائق باندورا عام 2021 أن بييفسكي أسقط من إقراراته الضريبية 3 شركات أوفشور سجلها في جزر العذراء البريطانية. وقد وسعت الولايات المتحدة وبريطانيا من نطاق عقوباتهما عليه في فبراير 2023.
استيلاء على تمثيل الأقلية التركية
في ديسمبر 2024، نظم بييفسكي مؤتمرا استثنائيا لحركة الحقوق والحريات، أجرى خلاله تعديلات قضت بإقصاء مؤسس الحركة ورئيسها الفخري أحمد دوغان، وانتخب نفسه رئيسا وحيدا للحركة.
يقول ميخائيل إيفانوف، مستشار شؤون الأقليات العرقية: "بييفسكي يدير حزبه على أساس أنه شركته الخاصة، وباستثناء شراء الأصوات، لا ينتهج سياسة مرتبطة بقضايا العلاقات العرقية".
موقف مثير للجدل من القضية الفلسطينية
رغم ادعائه تمثيل المسلمين في بلغاريا، صرح بييفسكي في أكتوبر 2023 قائلا: "كدولة، يجب علينا أن نقدم دعما كاملا لإسرائيل"، ولم يدل بأي تعليقات بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة.
يقول صباح الدين إسماعيل، عضو مؤسس في الحزب: "كيف تتصورون أن يشاهد المرء ما يحدث في غزة، وفي الوقت نفسه يرى شخصا يدعي أنه يمثل المسلمين وهو يدعم إسرائيل؟"
رفض شعبي متنام
نظم بييفسكي تظاهرات مضادة دعما له، لكنها لم تحظ بالدعم المتوقع. بل خرج كثير من المسلمين البلغار والأتراك والغجر بنداءات عبر شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى عدم دعم مسيراته.
وقدم إسماعيل إسماعيل، رئيس كتلة المستشارين البلديين للحركة في بلدية خاسكوفو، استقالته احتجاجا على سياسات بييفسكي، مؤكدا أن "هذا النموذج الإثني مضر ببلغاريا ومضر بالمسلمين".
تبعية للسياسة الأميركية
يفسر المحللون موقف بييفسكي المؤيد لإسرائيل بخضوعه لعقوبات القانون الأميركي، مما يجعله "الأكثر اعتمادا على السياسة الأميركية"، حسب يافور داتشكوف، رئيس تحرير موقع "غلاسوف".
وتشير التطورات في بلغاريا إلى أزمة أعمق تتعلق بتمثيل الأقليات المسلمة في أوروبا، حيث يستغل الفاسدون القضايا الإثنية لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب المصالح الحقيقية للمجتمعات التي يدعون تمثيلها.