بطريرك القدس من غزة: سنعيد الإعمار ولن نرحل
في زيارة رعوية تحمل دلالات عميقة، أكد بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا من قلب قطاع غزة المحاصر أن المسيحيين الفلسطينيين سيبقون في أرضهم رغم المحن، وأنهم ملتزمون بإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية.
وقال البطريرك خلال لقائه أبناء الكنيسة: "لن ننسى ما حدث، لكننا ننظر إلى الأمام. سنعيد إعمار بيوتنا ومدارسنا، وسنبني من جديد حياتنا. نحن من هنا، وسنبقى هنا"، مؤكداً أن المجتمع المسيحي في غزة سيكون مثالاً للعالم على معنى البناء من جديد.
شهادة على الصمود والإيمان
وأشاد البطريرك بصمود المسيحيين الفلسطينيين في غزة، قائلاً: "لقد أظهرتم خلال الحرب، وأكثر وضوحاً اليوم، ماذا يعني أن يبقى الإنسان قوياً في إيمانه. قدمتم شهادة حية على الصمود والإيمان والرجاء، وصلت إلى العالم كله".
وأكد أن غزة ليست وحدها في محنتها، مشيراً إلى أن "الكنائس والمؤسسات والمسيحيين في مختلف أنحاء العالم متحدون مع أهلها"، في إشارة إلى التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.
زيارة رعوية في ظروف استثنائية
وصل البطريرك بيتسابالا إلى مدينة غزة برفقة النائب البطريركي العام المطران وليم شوملي، ووفد من البطريركية اللاتينية في القدس، في الزيارة الرعوية الميلادية السنوية إلى كنيسة العائلة المقدسة.
وتأتي هذه الزيارة للعام الثالث على التوالي في ظل تواصل الحصار والعدوان الإسرائيلي الذي خلف دماراً واسعاً ومعاناة غير مسبوقة في القطاع.
تراجع أعداد المسيحيين
تشير المعطيات إلى أن عدد المواطنين المسيحيين في قطاع غزة تقلص إلى نحو 700 مواطن خلال حرب الإبادة، بعد أن كان عددهم يصل إلى نحو 1100 مواطن قبل بداية الحرب.
واضطر عديد منهم إلى النزوح من منازلهم إلى الكنائس، غير أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف أيضاً بالقصف والتدمير الكنائس الثلاث في المدينة، مما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من النازحين.
استهداف الكنائس والمقدسات
تعرضت كنيسة العائلة المقدسة لعدة اعتداءات إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، مما أدى إلى أضرار جسيمة في المبنى. ففي 17 يوليو 2024، استشهد 3 مواطنين وأصيب 7 آخرون بجروح، بينهم راعي الكنيسة الأب غابرييل رومانيللي.
كما استشهدت مواطنة وابنتها داخل حرم الكنيسة في 16 ديسمبر 2023 جراء إطلاق نار من قناص إسرائيلي، وأصيب 7 أشخاص في أثناء محاولتهم إنقاذهما.
وقُصفت كنيسة القديس بورفيريوس في 19 أكتوبر 2023، مما أدى إلى استشهاد 18 شخصاً، بينهم 10 من عائلة واحدة.
رسالة أمل في زمن المحن
وسيترأس البطريرك قداس عيد الميلاد المجيد في كنيسة العائلة المقدسة، في احتفال يحمل دلالات خاصة لمجتمع عاش أوقاتاً عصيبة.
وأكدت البطريركية اللاتينية أن هذه الزيارة "تعيد تأكيد الروابط الأصيلة بين رعية العائلة المقدسة في غزة وأبرشية القدس، وتعبر عن التزام البطريركية اللاتينية الدائم بمرافقة المؤمنين في صلاتها وتضامنها وإحياء الأمل".