كتيب حماس الجديد: تحليل شامل لطوفان الأقصى ودوره في تعزيز القضية الفلسطينية
مع اقتراب نهاية عام 2025، وتصاعد الجدل حول تداعيات طوفان الأقصى، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كتيباً بعنوان "روايتنا: طوفان الأقصى... عامان من الصمود وإرادة التحرير" بهدف توجيه النقاش حول الطوفان في مواجهة الروايات الإسرائيلية والغربية المضادة.
السياق التاريخي والأسباب الجذرية
يبني الكتيب تفسيره لأحداث السابع من أكتوبر على سردية ممتدة تبدأ من ثورات عام 1920، مروراً بالاحتلال 1948، ويقدم الطوفان بوصفه نتيجة تراكمية لمسار تاريخي طويل من الانتداب والاحتلال والتشريد والسياسات الإقصائية التي استهدفت الوجود الفلسطيني.
كما يركز على فشل مسار التسوية السياسية، ويحمّل إسرائيل مسؤولية إفراغ اتفاق أوسلو من مضمونه، مستنداً إلى تصريحات نتنياهو الرافضة لقيام دولة فلسطينية، وتحوّل السلطة الفلسطينية إلى كيان منزوع السيادة وغير قادر على حماية الحقوق الوطنية.
الرد على السردية الإسرائيلية
خصص الكتيب فصلاً كاملاً للرد على السردية الإسرائيلية التي رافقت أحداث السابع من أكتوبر، وقدم حركة حماس كطرف معني بكشف الحقائق. انطلق من اتهام مباشر لإسرائيل بإدارة حملة تضليل إعلامي واسعة، هدفها نزع الصفة الشرعية عن الطوفان.
يؤكد الكتيب أن الهجوم استهدف في أصله مواقع عسكرية وقوات إسرائيلية في محيط غزة، وأن ما جرى لاحقاً من سقوط قتلى مدنيين إسرائيليين لا يمكن فصله عن طبيعة الاشتباك، ولا عن سياسات الجيش الإسرائيلي نفسه.
دور الوساطة القطرية والجهود الدبلوماسية
يبرز الكتيب الدور المحوري الذي لعبته قطر في جهود الوساطة والتفاوض منذ اليوم الأول للعدوان. ويؤكد أن حماس، بالتنسيق مع فصائل المقاومة وبالاعتماد على قنوات الوساطة الإقليمية والدولية، عملت منذ البداية على وقف القتل والتدمير.
ويختتم الفصل بتثمين دور الوسطاء الإقليميين في قطر ومصر وتركيا، والدعوة لتعزيز العلاقات مع القوى الدولية الكبرى الداعمة للحقوق الفلسطينية مثل روسيا والصين، باعتبارها موازناً جزئياً للانحياز الغربي لإسرائيل.
التأثير على الرأي العام العالمي
يركز الكتيب على التحولات الجذرية في الوعي العالمي، حيث دخلت مفاهيم مثل الإبادة والاستعمار وجرائم الحرب إلى خطاب مؤسسات دولية وبرلمانات غربية، وتراجعت قدرة إسرائيل على تسويق روايتها التقليدية، وارتقت فلسطين إلى معيار أخلاقي عالمي.
كما يشير إلى المسار القانوني الدولي عبر محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة التي رفعتها جنوب أفريقيا، ومذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت، باعتبارها إشارات على تراجع الحصانة السياسية التي تمتعت بها إسرائيل طويلاً.
أولويات المرحلة المقبلة
يطرح الكتيب أولويات المرحلة باعتبارها خطوطاً كبرى لرؤية وطنية شاملة، تبدأ من الانسحاب الكامل من غزة، وكسر الحصار، وإطلاق الإعمار، بوصفها الشروط الأولى لأي حديث عن مستقبل مستقر.
كما يشدد على أن إدارة غزة شأن فلسطيني خالص، يرفض أي وصاية خارجية أو ترتيبات مفروضة، ويعيد تأكيد فكرة الشراكة وعدم الإقصاء، مع ربط أي وصاية خارجية بشكل من أشكال الاحتلال المقنع.
خلاصة التحليل
قدم الكتيب سردية متكاملة لطوفان الأقصى باعتباره لحظة فاصلة في التاريخ الفلسطيني المعاصر أعادت تعريف الصراع، وكسرت كثيراً من المسلمات السياسية والأمنية التي حكمت الإقليم لعقود. ويُحسب له أنه لم يحصر الطوفان في بعده العسكري، إذ وسّع دائرته ليشمل الوعي العالمي والتحولات في الرأي العام والسردية الأخلاقية والمسار القانوني.
ومع ذلك، تبقى هناك أسئلة صعبة حول كلفة الصمود ومعضلات ما بعد الحرب مثل الإعمار المشروط وإدارة غزة تحت ضغط دولي والانقسام الفلسطيني المزمن، والتي تحتاج إلى نقاش مستقبلي أعمق لتحديد مسارات ما بعد الطوفان.