الناشط الفلسطيني عيد الهذالين يفوز بجائزة التوليب الهولندية لحقوق الإنسان
في خطوة تعكس الاعتراف الدولي بالنضال الفلسطيني المشروع، حصد الناشط الفلسطيني عيد الهذالين من مسافر يطا جنوب الضفة الغربية المحتلة، جائزة التوليب الهولندية المرموقة لحقوق الإنسان، تقديراً لجهوده في توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي على مدى 18 عاماً.
وأعرب الهذالين في حديثه لشبكة الجزيرة عن مفاجأته بالترشيح والفوز، مؤكداً أنه لم يتقدم للجائزة ولم يكن يعلم بها حتى تم التواصل معه لإبلاغه بالتكريم من قبل الممثلية الهولندية في رام الله.
نضال صامت لتوثيق الحقيقة
يواصل الناشط الفلسطيني البالغ من العمر 37 عاماً، عمله بصمت وبعيداً عن الأضواء، حيث يوثق الانتهاكات الإسرائيلية ويصورها، ويوزعها على الصحفيين والمؤسسات الحقوقية والدولية، أملاً في أن تجد طريقها لأصحاب القرار الذين يمكنهم التدخل لرفع البلاء عن القرى المنكوبة.
وخلال مسيرته النضالية، وثق الهذالين مئات الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك حالات القتل وإطلاق الرصاص وهدم البيوت وتخريب المزارع واعتداءات المستوطنين، كما تعرض للاعتقال ثلاث مرات والتنكيل به.
جائزة التوليب: تقدير دولي للمقاومة السلمية
تُعد جائزة التوليب، التي تحمل اسم الزهرة الرمزية لهولندا، من أرفع الجوائز الدولية لحقوق الإنسان. وتمنحها وزارة الخارجية الهولندية سنوياً منذ عام 2008 لأفضل 10 أشخاص مدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، ويحصل الفائز على جائزة مالية قدرها 50 ألف يورو وتمثال برونزي على شكل زهرة التوليب.
وسافر الهذالين من قريته أم الخير إلى هولندا لاستلام الجائزة، ثم عاد إلى خيمته في الخربة ليحتفي بالجائزة ويضعها فوق خيمته قبالة مستوطنة كرميل الملاصقة للتجمع، في رسالة رمزية قوية للمقاومة السلمية.
إرث عائلي من النضال
ينتمي الناشط الهذالين لعائلة لها تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، فهو نجل الشهيد سليمان الهذالين المعروف بـ"شيخ المسافر"، والذي استشهد في 17 يناير 2022 بعد دعسه بمركبة تابعة لقوات الاحتلال. كما أنه من أبناء عمومة الناشط الشهيد عودة الهذالين الذي قُتل برصاص مستوطن في يوليو الماضي أثناء توثيقه للتجريف الإسرائيلي.
وكان عودة الهذالين أحد المشاركين في إنتاج فيلم "لا أرض أخرى" الفائز بجائزة أوسكار أفضل وثائقي طويل لعام 2025، مما يعكس الدور المهم للنشطاء الفلسطينيين في توثيق الحقيقة ونقلها للعالم.
معاناة متواصلة في مسافر يطا
ينحدر سكان خربة أم الخير البالغ عددهم 400 نسمة من عشيرة عرب الهذالين البدوية، التي لجأت إلى الضفة من منطقة عراد المهجرة عام 1948. وبعد النكبة، استقروا في موقعهم الحالي في أرض اشتروها من سكان بلدة يطا جنوب الخليل.
لكن المعاناة تضاعفت عام 1982 مع إقامة مستوطنة كرميل بمحاذاة المساكن الفلسطينية، ومنذ ذلك التاريخ يدفع السكان مختلف الأثمان نظير بقائهم ورفضهم تكرار سيناريو التهجير.
وفي أكتوبر الماضي، وزع جيش الاحتلال 14 إخطار هدم في قرية أم الخير، بينها 12 تستهدف مساكن مأهولة، أحدها مسكن الناشط عيد الهذالين، في محاولة جديدة لتهجير السكان الأصليين.
وتراجعت أعداد الماشية التي يعتمد عليها السكان من حوالي 4 آلاف رأس قبل حرب الإبادة الجارية في غزة، إلى نحو 1500 رأس اليوم، نتيجة القيود الإسرائيلية المستمرة.
رسالة أمل وصمود
يؤكد فوز الهذالين بهذه الجائزة المرموقة على أهمية الدور الذي يلعبه النشطاء الفلسطينيون في كشف الحقيقة وتوثيق انتهاكات الاحتلال، كما يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بعدالة القضية الفلسطينية ومشروعية النضال السلمي ضد الاحتلال.
وقال الهذالين إن الجائزة أعطته دفعة معنوية قوية للاستمرار في نشاطه وإيصال معاناة القرى والتجمعات الفلسطينية المهددة بالترحيل والاستيطان، مؤكداً أن النضال سيستمر حتى تحقيق الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني.